تمغربيت:
* لغة ودبلوماسية المال والرشاوى كانت دائما حاضرة في السياسة الخارجية والدبلوماسية الجزائرية منذ بومدين إلى يومنا هذا. لكن في الأول والأخير؛ الأموال لا تصنع الرجال ولا المواقف وسياسة الأموال لا يُعوَّل عليها كما يقول د. عبد الحق الصنايبي.
أموال النفط والغاز الجزائري لا تصرف لتوسيع وتثمين الدبلوماسية الخارجية الجزائرية. ولا لجلب وجذب الاستثمارات الاقتصادية والفلاحية والصناعية والخدماتية للجزائر، ولا تصرف لبناء اقتصاد متنوع بدل اعتماد الجزائر الى يومنا عن مصدرها الوحيد للاقتصاد والعملة الصعبة وهو مجال المحروقات لا غير، ولا تصرف على فلسطين فهي ليست أولوية بالنسبة لنظام الكابرانات والانقلابات كما سيأتي. بل يصرف في اتجاه قضية واحدة وحيدة لا شريك لها وهي الصحراء المغربية الغربية، وضد عدو واحد لا شريك له وهو المغرب.
* نتابع سلسلة د. عبد الحق الصنايبي وقرائته لمؤلَّف نوفل ابراهيم الميلي : “فرنسا-الجزائر: خمسون سنة من القصص السرية” .. حيث يتطرق لشهادتين من العيار الثقيل تعري على السؤال القديم الجديد: ( اين ذهبت وتذهب اموال النفط والغاز الجزائري الطائلة منذ الاستقلال عن فرنسا ؟)
* شهادة فرانسوا ميتران François Mitterrand
شهادة الرئيس الفرنسي الاشتراكي الراحل التي جاءت في المؤلف بين أيدينا تشمل؛ – تمويل اليسار الفرنسي الذي كان له مواقف ايجابية وصداقة تجاه الFLN الجزائرية. تمويل من أجل دعم التوجهات الجزائرية ضد وحدة المغرب الترابية في ملف “الصحراء الغربية” .. – وتمويل مساندة الجالية الجزائرية بفرنسا لليسار الفرنسي والرئيس الاشتراكي المقبل لفرنسا.
– يقول ميتران : “زيارتي للجزائر جائت للتحضير لتسلم اليسار الحكمَ والسلطةَ في فرنسا” وهو الآمر الذي سيقع بالفعل. مضيفا : “الأمين العام للحزب الاشتراكي الفرنسي .P.S يعلم أن مشكل الصحراء هو الهاجس الأول بالنسبة للجزائر الذي ينزل بالقضية الفلسطينية إلى المستوى الثاني وأسفل الترتيب /
le conflit du Sahara occidental est le premier souci d’Alger qui relègue au second plan la cause palestinienne ”
والحقيقة أن القضية الفلسطينية يقول الدكتور معلقا؛ لا هي في المستوى الثاني ولا الثالث. بل هي قضية للمتاجرة والمزايدة ومجرد سجل تجاري ليس إلا.
هي إذا شهادة فاضحة من ميتران على ان القضية الفلسطينية لا تعد أولوية بالنسبة لنظام الميليشيات الجزائري، كما هو الحال بالنسبة لقضية الصحراء المصنفة الأولى في سُلّم أولوياته.
يلخص المؤلف لثلاث نقاط ذكرها ميتران تخص حقائب المال الجزائري : ” المال الجزائري ما بعد الاستقلال، والغِنى الذي عرفته الجزائر بفضل عائدات المحروقات كانت تستعمله الجزائر من أجل: 1- استمالة اليسار الفرنسي من اجل تبني الأطروحة الجزائرية بخصوص الصحراء – 2 – إسقاط فاليري حيسكار ديستان Valéry Giscard d’Estaing الموالي للموقف المغربي ووحدته الترابية (3- ومساندة اليسار الفرنسي للصعود الى الحكم)
* فليبي غونزاليس الإسباني Felipe González
رئيس حكومات متعاقبة لإسبانيا، هو ايضا كانت لأموال الجزائر فضلا عليه وعلى حزبه الاشتراكي، لنفس التوجهات السالفة الذكر. فقد كانت تمنحه الجزائر منحة خاصة une bourse حينما كان مقيما بالجزائر.. يقول المؤلف : (” كان فليبي غونزاليس اليساري يقيم في وهران المدينة الجزائرية الأكثر شبها للنمط الاسباني – 3 قرون من الاستعمار الاسباني- في أواسط 70′ .. و الوزير الأول مستقبلا، كان يتوفر على منحة سنوية يؤديها له الصندوق الأسود لجبهة التحرير الوطني FLN..
كما يضيف المؤلف أمورا تخص حياته (الزهوانية) والليالي المِلاح التي كان يعيشها بكباريهات وهران الخ)
يعلق د. الصنايبي على هذا المقطع قائلا : هذا رئيس الحكومة السابق .F.G – بعد كل تلك السنوات والاستفادة من المال الجزائري .. ها هو حاليا يصرح ان المقترح المغربي القاضي بالحكم الذاتي هو الحل الأكثر مصداقية وجِدّية وواقعية وهو المقترح القابل للتنزيل .. غونزاليس محسوب حاليا على اصدقاء المغرب، المساندين للمغرب ووحدته الترابية.
والختام للدكتور الصنايبي : الأموال لا تصنع الرجال ولا المواقف !