تمغربيت:
الصادق بنعلال*
عزف المنتخب المغربي لكرة القدم ليلة الثلاثاء 25 يناير سمفونية بالغة العذوبة والجمال، وهو يواجه نظيره المالاوي في إطار مقابلة ثمن نهائي كأس الأمم الإفريقية، التي تجرى أطوارها بالكاميرون، حيث انتهى هذا الحوار الرياضي الاستثنائي بانتصار مستحق ومقنع لمنتخبنا على منافسه أداء ونتيجة.
وبفضل الإنجاز الجمالي النوعي الذي قدمه لاعبونا فقد اعتبر جل متتبعي أطوار هذه البطولة الإفريقية المثيرة للجدل، من محللين وإعلاميين وخبراء في الرياضة هذا النزال، بكونه أفضل لقاء عرفته هذه النسخة الثالثة والثلاثين للكأس الإفريقية. ولعل أهم ما أثار انتباهنا في هذا الموعد الرياضي التاريخي يمكن تلخيصه كما يلي:
يكاد يكون المنتخب المغربي الوحيد الذي بعد تلقيه هدفا، يعود مجددا وبأقصى سرعة للتعديل والفوز، مما يعني من جملة ما يعني أن لهذا المنتخب شخصية ولاعبين يحسنون الأداء الجماعي الفعال يخول لهم السيطرة الميدانية و الاستحواذ على الكرة طيلة شوطي المقابلة، ورسم لوحات فنية على أرضية الملعب بشكل مذهل، أما الأهداف التي يتم تسجيلها في مرمى الخصم فهي عالمية ابتداء وانتهاء.
الملاحظة الأخرى التي أثارت انتباهنا في هذا السياق هي مشاركة العقلاء من أشقائنا العرب، محللين ومعلقين ومشجعين، فرحتنا الكبيرة بهذا الفوز الأكثر من رائع، وفي الأثناء لاحظنا صمت القبور من قبل بعض الشعبويين وأدعياء “الثقافة” السياسية والإعلامية والرياضية، أمثال عبد الباري عطوان وجمال ريان وحفيظ دراجي، الذين لم يكلفوا أنفسهم “عناء” تهنئة المنتخب المغربي، بل لعلهم كانوا يمنون أنفسهم بهزيمة منتخبنا الغالي والعزيز على قلوبنا، لا بل لعلهم بهتوا وهم ينظرون إلى ما قدمه من عرض فني زلزل “قوتهم الضاربة” في الأحلام والأوهام.
وأخيرا وليس آخرا، تمكن المعلق الرياضي المغربي الكفء جواد بادة، من أن يقدم درسا مهنيا عالي الجودة في كيفية وصف الحوارات الرياضية على أرضية الملعب،حيث نهج سبيل الكبار في البطولات العالمية، باقتصاره على نقل أجواء المقابلة وحيثياتها التقنية والفنية، دون أن يحلق بعيدا ويقصف الخصوم، ويحشر أنفه في القضايا السياسية للدول الأجنبية، ويوزع الأباطيل والترهات والمزاعم البائسة على غرار من (سقطوا سهوا) على عالم التعليق الرياضي، يظنون أن هذا الأخير صياح وحماسة نزقة وعاطفة مريضة، لقد أمتعنا المعلق المغربي دون أن يذكر أي منتخب عربي بسوء، بل إنه دعا بالنجاح والفوز للمنتخبين الشقيقين الآخرين تونس ومصر، مما يعكس مستوى الوعي السليم لدى المغاربة، ورغبتهم في أن تعم الفرحة قلوب الجماهير الرياضية من المحيط إلى الخليج، لأننا في النهاية أمام منافسة رياضية حضارية، يفترض أن تزرع في نفوسنا قيم المحبة و الأخوة والتعايش بعيدا عن نزعات التشدد و الحقد والضغينة.
*إعلامي وباحث أكاديمي