تمغربيت:
تجتهد الأنظمة في تدبير خلافاتها السياسية والإيديولوجية مع الخصوم والأعداء.. من خلال اللجوء إلى استراتيجيات يتم تحضيرها بناء على قراءة ذكية للبيئة الاستراتيجية في سياق زمني معين. وهنا تلجأ الدول إلى قراءة في نمط الحكم السائد عند الخصم.. وطريقة اتخاذ القرار السياسي.. والبنية السلوكية لرأس الدولة، ونقاط القوة والضعف وكذا الأهداف السياسية التي يريد تحقيقها من وراء هذه النزاع أو الخلاف.
وغالبا ما تكون الخلافات مرتبطة بتحقيق هدف واحد وأوحد، ألا وهو “المصلحة الوطنية“.. كمحدد أساسي في توجيه دفة القرار السياسي للدولة. وبالتالي فإن هذا الهدف السياسي الأسمى هو الذي يحدد باقي التعبيرات السياسية والاقتصادية وحتى الإعلامية والدينية والعسكرية.
هذا هو واقع التدافعات التي أطرتها مدارس العلاقات الدولية وعلى رأسها المدرسة الواقعية.. والتي أصل لها هوبز وماكيافيل، رغم أنها كتبت باسم “هانز مورغانتو” في كتابه “السياسة بين الأمم”.
الواقع العسكري في جغرافيا الجزائر
غير أن واقع الحال في جغرافيا الجوار يقطع بأن المصلحة الوطنية هي آخر ما يحرك التعبيرات السياسية للنظام العسكري الجزائري. ويكفي أن يحكم “العسكري” حتى تختل موازين الفهم والإدراك البنيوي، على اعتبار أن الجيش هو ذراع الدولة ولا يمكن أن يكون رأسها.. والعسكر هو أحد الأدوات التي “قد” تلجأ لها الدول لتحقيق أهدافها السياسية.. ولا يمكن أن يكون صاحب القرار السياسي.
ولعل ما يؤرق صانع القرار في المغرب هو تعامله مع نظام “قلق” لا يعلم ماذا يريد.. ولا يضع المصلحة الوطنية كمحدد لتعبيراته السياسية.. ويستعبد الشعب، كأحد العناصر المكونة للدولة، من منظومة المصالح الوطنية. كما أن تعبيرات القيادات السياسية للكيان في الجوار تجعل المرء يتوقف عند أنماط التفكير الغريبة عند القوم. وهنا نسجل بأن التصريحات القادمة من شرق الجدار هي أقرب للحمق منها إلى تعبير سياسي عاقل أو عقلاني.
دكتاتورية الحمقى
ولعل الخطير في الأمر أن الحمقى في الجزائر يمتلكون أدوات القوة والغصب.. ويمتلكون ناصية القرار السياسي والاقتصادي ومصادر الثروة. وهو ما جعل “الحمق” معيار للتقرب من دوائر صناعة القرار في الجزائر. وهنا نجد بأن القوم يجتهدون في التعبير عن الحماقات، مادام أنها تقربهم من “بياض البلد”.. وذلك في الوقت الذي يزج فيه بالعقلاء إلى دهاليز السجون وأقبية المعتقلات.
أمام هذا الواقع الغريب، يحاول النظام السياسي المغربي تفادي أي احتكاك مع “مجتمع الحمقى”.. لأنه ليس لديه ما يخسره، ولأنه يتصرف بمنطق انتقامي غريب “علي وعلى اعدائي”. وبالتالي فإن المغرب يحاول تحصين حدوده “الشرقية والجنوبية”، وترقب تغيير سياسي أو اجتماعي في الجزائر.. وذلك بالرغم من أن سقوط نظام الحمقى في الجزائر له أيضا تكلفة سياسية وأمنية على المغرب.. بالنظر إلى جالة التوحش التي تعيشها الجزائر في جغرافيا لم ترتقي بعد إلى “المجتمع السياسي” بعد قرون من الاستعمار المباشر و 62 سنة من الاستعمار غير المباشر.