تمغربيت:
تاريخ الجيوش المغربية تحكي صفحات خالدة من البطولة والشهامة والإقدام.. فرسموا بذلك لوحات لا يزال يذكرها بعض المنصفين من الرواة والمؤرخين. ولذلك استطاع المغرب أن ينجو من مخالب الاحتلال العثماني وأن يذيق البرتغاليين من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر.. وأن يصنف في خانة الإمبراطوريات العظام حتى أصبح يطلق عليه “الإمبراطورية الشريفة”.
في هذا السياق، وبعدما نجحت الجيوش المغربية في نجدة المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي وفتح القدس الشريف.. سمح هذا الأخير بعودة جميع الجيوش الإسلامية باستثناء المغاربة. وعندما سئل عن سبب سماحه للشاميين والمصريين والمتطوعين واستثنى المغاربة قال “يعملون في البحر ويفتكون في البر، أشداء على الكفار، لا يخافون طرفة عين في الدفاع عن المسلمين ومقدساتهم”.
ويذكر أن المغاربة كانوا يشكلون ربع جيش صلاح الدين الأيوبي.. وقد أرسلهم يعقوب المنصور الموحدي في 180 سفينة حربية كانت حاسمة في فتح بيت المقدس. وبذلك يكون للمغاربة السيف المعلى في فتح القدس والدفاع عن مقدسات المسلمين.. دون بهرجة إعلامية أو متاجرة بالقضية، لأن فلسطين بالنسبة للمغاربة تعتبر قضية وطنية.. ولا مجال للمزايدة حولها أو الركوب عليها خدمة لأهداف سياسية ضيقة.
ويحكي الرحالة الأندلسي ابن جبير بأن صلاح الدين الأيوبي “جعل أحكامهم إليهم.. ولم يجعل يدا لأحدٍ عليهم”.. أي إن المغاربة صاروا مثل الجالية صاحبة المزايا والخصائص في بيت المقدس. وكانوا يأخذون من باحة محددة في القدس مستقرا لهم.. ليمنحهم الملك الافضل نور الدين الايوبي “نجل صلاح الدين” الحارة كأرض وقف لهم، وتحمل اسمهم (باب المغاربة) لقاء مشاركتهم في حرب تحرير المدينة.