تمغربيت:
في مثل هذا الشهر من سنة 1492 سقطت غرناطة آخر معاقل المسلمين بالأندلس.. بعد حكم دام قرابة 8 قرون.. وسبق أن تطرقنا في مقالات عديدة أبرزنا فيها الدور البطولي للإمبراطورية المغربية الشريفة في الأندلس وعن معاركنا الحاسمة والخالدة.. التي حافظت عليها وعلى علومها وأخّرت سقوطها.
وتتمة لما قلناه فلولا خيانات بنو الأحمر والزيانيين وتحالفهم مع القشتاليين ضد المرينيين من أجل عرقلتهم.. لما سقطت هذه القطعة العزيزة والغالية على قلوب المغاربة.. ونُذكر كذلك أنه مع سقوط غرناطة بدأت معها معاناة الموريسكيين المغاربة بحيث قامت ملكة قشتالة إيزابيلا الدموية.. بإنشاء ما يعرف بمحاكم التفيش بحيث تم إرغام المسلمين على تغيير ديانتهم أو التهجير القسري.
الموريسكيين وإخفاء التعاليم الإسلامية خوفا من محاكم التفتيش
هناك من الموريسكيين من بقي في الاندلس واضطر إلى إخفاء إسلامه وهناك من استبدل حركة الثالوث الصليبي المعروفة بكلمات إسلامية.. “ويقولون ما يوجد في الرأس لا يعلمه إلا الله والملائكة”.. فهكذا عاش أجدادنا المورسكيين رعب محاكم التفتيش هناك.. ويُحكى أيضاً أنه لازالت هناك بعض العادات التي ورثها الموريسكون إلى الآن منها عدم غلق الباب وهو ما كان سائرا ذلك الوقت بحيث، ومع اقتراب موعد الآذان يفتحون الأبواب على المسلمين بدون سبق إنذار.. لمعرفة إن كان يمارس شعائره الإسلامية أم لا.. كالوضوء مثلاً أو الصلاة.. ومنهم من استغنى عن الأبواب الخشبية واستعان بالستائر فقط وهي عادة موجودة إلى يومنا هذا.
وكما أن هناك بعض المورسكيين يحنون إلى جذورهم الإسلامية.. ولازال لسانهم حافظاً لبعض الكلمات العربية ك Odo أي أعوذ.. و Alla بمعنى الله.
كما منهم من ذاق جميع أنواع العذاب والتنكيل وهم في طريقهم نحو المغرب.. عذاب حاول التخفيف منه أجدادنا وهم يرددون “تيكشبيلا توليولا”.. تلك الكلمات التي حفرت في الذاكرة الشعبية لكل مغربي وهو ما تبين من خلال معناها كأنها قسم على استرجاع الأندلس يوما ما.. كما كان زعيم هذه الطائفة مغربي يسمى بمولاي فاس.. وهو حفيد آخر سلطان مغربي في العهد المريني.
وكما لا ننسى رسالة الأسير المغربي مستنجداً بملك المغرب.. وهي وثيقة محفوظة بأرشيف قصر الحمراء بإسبانية كلمات تظهر لنا جلياً.. على شكل لغة أهل الأندلس.. وهي مطابقة “للدارجة المغربية”.
رسالة ليلة سقوط غرناطة
وبعد سقوط غرناطة كتب عبد الله الصغير لملك المغرب طالبا منه اللجوء حيث يقول : “فلم نختر إلا دارنا التي كانت دار آبائنا من قبلنا، ولم نرتضي الانضواء إلا لمن بحبله وصل حبلنا، وبريش نبله ريش نبلنا، إدلالاً على محل إخاء متوارث لا عن كلالة، وامتثالاً لوصايا أجداد لأنظارهم وأقدارهم أصالة وجلالة” كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الجزء 4 الصفحة 542..
ولربما هنا انقطع ارتباط المغرب الوطيد بالأندلس وسقوط غرناطة.. فقد تمت إزالة الحداد عن سقوط الأندلس في المغرب في عهد السلطان مولى إسماعيل بحيث تم تحويل البلغة واستبدال لونها من الأسود للأصفر.. ولا غالب إلاّ الله.