تمغربيت:
يوم 2 يناير من عام 1492، يعد تاريخا حزينا جدا جدا في الذاكرة الإسلامية عموما، والذاكرة المغربية تحديدا.. ففيه سقطت غرناطة، آخر معقل إسلامي في الأندلس.. بعد أكثر من 8 قرون من التواجد الإسلامي والحضارة الإسلامية المغربية تحديدا..
في ذلك التاريخ الحزين استسلم آخر ملوك الأندلس؛ أبو عبد الله الصغير (أو أبو عبد الله محمد الثاني عشر، أو بوعبديل) وسلم المدينة للتحالف الكاثوليكي، الذي قاده الملك فيرديناند (أراغون) والملكة إيزابيلا (قشتالة).. لتبدأ محاكم التفتيش والقتل والتعذيب والطرد من الأندلس، لكل رافض للتعميد المسيحي..
وبذلك انتهت مملكة غرناطة، التي كانت آخر معقل إسلامي في الأندلس، بعد أكثر من 700 عام من الحضارة الإسلامية في إسبانيا3.
سقوط غرناطة كان نتيجة لحروب طويلة بين الممالك الإسلامية بالأندلس والممالك المسيحية.. حيث بدأت في عام 1482م، واستمرت 10 سنوات..
وقد عُرفت في القاموس الغربي بحرب الاسترداد أو الريكونكيستا.. حيث وقعت فيها معارك وحصارات ومفاوضات.. وانتهت بانتصار المسيحيين.
وهذه الحروب كان لها تأثير كبير على التاريخ والثقافة والدين في إسبانيا وأوروبا والعالم الإسلامي وغيرت الخريطة العالمية بين المسلمين والمسيحيين.
لكن لم يقف الأمر عند هذا الحد.. انهزام جهة وانتصار جهة أخرى.. فبعد سقوط غرناطة، تم توقيع ما سمي بمعاهدة غرناطة بين الطرفين.. نصت بنودها على حماية حقوق المسلمين في الأندلس، والسماح لهم بالحفاظ على دينهم ولغتهم وعاداتهم.
إلا أن الممالك المسيحية لم تلتزم بشروط المعاهدة، وبدأت حملة من القمع والتنصير والتهجير ضد المسلمين واليهود في الأندلس، وأنشأت محاكم التفتيش لملاحقة “المرتدين والهراطقة” كما تصفهم.
وفي عام 1502م، أصدرت “إيزابيلا” مرسوماً يلزم جميع المسلمين في قشتالة بالتحول إلى المسيحية أو مغادرة البلاد.. وفي عام 1516م، اتسع هذا القرار ليشمل أراغون أيضاً..
وعام 1609م، أمر الملك فيليب الثالث بطرد جميع الموريسكيين، من إسبانيا، وهو ما أنهى وجود الإسلام في الأندلس نهائياً.
سقوط غرناطة كان أيضاً بداية لعصر جديد في التاريخ الإسباني والعالمي، حيث أنه مكن الملوك الكاثوليكيين من توحيد إسبانيا تحت سلطتهم، وتعزيز نفوذهم السياسي والديني في أوروبا.. لكنه لم يستطع إخفاء معالم حضارة معجزة ينيت وصنعت بأيادي مغربية خالصة.