تمغربيت:
لا يشك أحد أن القضية الفلسطينية قضية عادلة، لكنها تواجه العديد من التحديات، من بينها الاحتلال الإسرائيلي والممارسات القمعية التي يتعرض لها الفلسطينيون. كما أن الواقع السياسي القائم لا يخدمها. فإسرائيل دولة ذات قوة عسكرية واقتصادية ودبلوماسية كبيرة، بينما السلطة الفلسطينية تبقى ضعيفة ومجزأة وقادتها ليسوا على قلب رجل واحد..
في ظل هذا الواقع، فإن أية محاولة للوصول إلى حل سلمي للقضية الفلسطينية تتطلب استخدام أدوات واقعية تأخذ بعين الاعتبار موازين القوى القائمة (على اعتبار أن موازين القوى هي التي تفرض المعادلات السياسية والتوافقات..)..
وفي ظل هذا الواقع أيضا، تلجأ بعض الفصائل الفلسطينية إلى استخدام العنف، بما في ذلك العمليات ضد المدنيين. وبالتالي تبقى الوسائل المستخدمة لتحقيقها غالباً ما تكون مثيرة للجدل. فحركة حماس، أكبر الفصائل الفلسطينية، تستخدم العنف (كما حصل الأمس) ضد المدنيين الإسرائيليين كجزء من استراتيجية المقاومة. أمر بلا شك يثير تساؤلات حول مدى أخلاقية هذا الأسلوب وتأثيره على القضية الفلسطينية.
ويبقى تدخل حماس في عمليات تستهدف المدنيين أمرا معقدا وشائكا، شئنا أم أبينا،. وبالتالي يطرح العديد من الأسئلة الصعبة. فمن ناحية، يمكن القول إن هذا التدخل يخدم القضية الفلسطينية، لأنه يسلط الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين. (حسب البعض). لكنه من ناحية أخرى، يمكن القول أنه يضر بالقضية الفلسطينية، كونه يساهم في إثارة مشاعر الكراهية والانتقام لدى الإسرائيليين، مما يجعل من الصعب التوصل إلى حل سلمي(حسب البغض الآخر).
تساؤلات موضوعية حول القضية الفلسطينية
في هذا السياق، نتساءل بموضوعية دون عواطف حول أدوات وأساليب المواجهة: هل ما وقع الأمس يخدم فعلا القضية الفلسطينية؟ وما مدى فاعلية تدخل حماس في عملية ضد المدنيين؟ وهل قتل المدنيين واغتصاب فتيات والتمثيل بالجثث واختطاف المسنات يخدم القضية؟ ثم هل قرار التصعيد هو قرار فلسطيني خالص أم هو تنفيذ لتعليمات خارجية تخدم أجندات طهران ودول أخرى؟ وبالتالي هل الأمر متعلق بإحراج المملكة السعودية وبالتبع الدول التي اختارت مسار التطبيع مقابل السلام؟
والإجابات أيضا ليست بريئة ولا هي بسيطة؛ فهي تتطلب تحليلاً للأسباب والأهداف من وراء هكذا ممارسات عنيفة وغير أخلاقية.
فمن قائل أنها قد تكون ضرورية في بعض الأحيان، للتعبير عن الغضب الفلسطيني اتجاه الاحتلال الإسرائيلي. وأن التصعيد الفلسطيني هو نتاج طبيعي للشعور باليأس والاحباط لدى الفلسطينيين، بسبب فشل عملية السلام.
ومن قائل في المقابل، أن التصعيد الفلسطيني قد يكون مدفوعاً من جهات خارجية، تخدم أجندات غير فلسطينية.. بهدف إحراج الدول العربية التي وقعت أو ستوقع اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل. وأن تدخل حماس في عمليات ضد المدنيين لا يخدم القضية الفلسطينية؛ فهذه العمليات تؤدي إلى سقوط ضحايا من المدنيين، مما يثير مشاعر الغضب والانتقام لدى الإسرائيليين. كما أنها تؤدي إلى تشويه صورة الشعب الفلسطيني في العالم، مما يجعل من الصعب الحصول على الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.
فالصراع الفلسطيني الإسرائيلي صراع يشمل جوانب متعددة: منها ما هو سياسي(عملية السلام والحوار الفلسطيني الإسرائيلي).. ومنها ما هو قانوني (على مستوى الأمم المتحدة).. ومنها ما هو ديني (وضع القدس).. وكذلك ما هو أخلاقي( على مستوى الأساليب المستعملة في العمليات)؛ وبالتالي لا بد من التركيز على الضرورة الأخلاقية للمقاومة الفلسطينية، والتركيز أيضا على الأخلاقيات المترتبة على استخدام العنف ضد المدنيين.. والبحث عن البدائل الممكنة للتدخل التي يمكن أن تخدم القضية الفلسطينية دون الإضرار بها؟
خلاصة القول
ختاما نقول أن القضية الفلسطينية قضية عادلة، وبالتالي يجب أن تكون أدواتها وأساليبها متسمة بالواقعية التي تأخذ بعين الاعتبار موازين القوى القائمة. وهذه الأدوات يجب أن تركز على تحقيق الأهداف الفلسطينية بشكل يحقق: – حماية الفلسطينيين من الانتهاكات الإسرائيلية – تعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.. وخلق الظروف المناسبة للتوصل إلى حل سلمي.. من أجل قيام دولة فلسطينية على حدود 67 عاصمتها القدس الشرقية..
وقبل هذا كله، وجب توحيد الصف الفلسطيني أولا .. فتواجد 20 فصيلا فلسطينيا في غزة ومثله في رام الله لا يمكن معه تحقيق أي تقدم نحو إنشاء الدولة الفلسطينية المنشودة.
وأملنا ودعواتنا أن يحفظ الله إخواننا في فلسطين من تجار القضية.. ومن ردة الفعل الإسرائيلية.