تمغربيت:
أمر خليفة المسلمين يعقوب المنصور الموحدي.. ببناء أعظم وأفخم “بيماريستان” (المستشفى) في الوجود، فقد بُني وفق معايير جد متقدمة في ذلك الوقت، بل حتى عصرنا هذا.. وهو يعتبر معلمة فارقة في تاريخ الطب بصفة عامة، وتاريخ الحضارة المغربية والإنسانية بصفة خاصة.
بيمارسيتان مراكش أعجوبة العجائب
البيماريستان يلخص كل مظاهر الرقي الحضاري والتفوق العلمي والترف المعرفي والفكري خلال عصر الموحدين بالمغرب، حيث أشرفت على بنائه السلطة السياسية العليا في الإمبراطورية الموحدية.. المتمثلة في شخص خليفة المسلمين يعقوب المنصور الموحدي.. وانطلاقا من طريقة اختيار المكان المناسب بعاصمة خلافته ودار ملكه مراكش.. من أجل بناء هذه المعلمة العظيمة، من أجل إيواء المرضى ومعالجتهم، وهو ما يعطينا صورة واضحة وجلية حول طبيعة السلطة آنذاك وما توليه من اهتمام بالواجب، ووضعها للمواطن المغربي بالعدوتين على رأس أولوياتها.
فقد بني هذا “البيمارسيتان” وفق الطراز المغربي الأندلسي، حيث صنفه المؤرخون بأنه أعجوبة العجائب حين ضرب الزخرف فيه في علياء الفنون.. وهذا لما يحمله من نقوش بديعة وزخارف دقيقة تسر الناظرين.. وتبعث الطمأنينة للمريض وتوفر له الراحة البصرية، كما كان فيه جميع أنواع الاشجار المشمومة والمأكولة.. مع تدفق المياه على جنبات الغرف، لتكون بذلك تلعب دور المكيف وتزيد من راحة المريض.
لقد كان هذا “البيماريستان” مخصص بالدرجة الأولى للفقراء.. فقد كان التطبيب بالمجان وكان رهن إشارة أي مريض تطأ قدمه مدينة مراكش.. ويحظى المريض باهتمام فائق إلى حين تعافيه ومغادرته، فقد إعتاد خليفة المسلمين يعقوب المنصور الموحدي رحمه الله القيام بزيارة ميدانية لهذا “البيماريستان” كل جمعة بعد الصلاة.. ليقف بنفسه على أحوال المرضى، وتتبع حالتهم الصحية والاستفسار عن كل التفاصيل الدقيقة مشددا على حسن معاملة الأطباء للمرضى.
وهكذا نكون قد تصفحنا معاً صفحة جديدة من صفحات الإمبراطورية المغربية الشريفة، فلن نجعل تاريخنا يكسوه غبار النسيان والإهمال.. سنكون له حافظين فمن ليس له تاريخ لن يعلم قيمة الحاضر ولن ينتج شيء للمستقبل.. عاش المغرب ولا عاش من خانه ولا غالب إلاّ الله