تمغربيت:
هناك الكثير من إخواننا في المشرق يرون في توحيد الأندلس تحت لواء الناصر لدين الله أمير المسلمين يوسف بن تاشفين بالمغرب.. قد خالطه ظلم لملوك الطوائف بالأندلس.. وخصوصا تعاطفهم المبالغ فيه مع ملك إشبيلية المعتمد بن عباد.. واليوم سنحاول فهم طبيعة حكم ملوك الطوائف بالأندلس.. وماهي الأسباب التي دفعت أمير المسلمين بالمغرب للقضاء عليهم؟
في هذا السياق، عرفت الأندلس تطاحنات وفتن داخلية عميقة عجلت بظهور مشاكل ونزاعات ساهمت في تسريع انهيار أركان حكم المسلمين هناك.. مما أدت إلى ظهور فوضى كبيرة خصوصاً بعد بداية انهيار الإمبراطورية الأموية.. كما كنا قد رأينا أن معركة الأشراف التي انتصر فيها المغاربة على الجيش الأموي.. كانت من بين الأسباب المباشرة في هذا السقوط.. مما أدخل المنطقة في ويلات الفتن المظلمة.. وظهور دويلات صغيرة متناحرة فيما بينها.. فقد كان الذل والخنوع عنوانها والخيانات صفات حكامها.
بنو عباد يستغلون حالة الانفلات
في هذا الصدد استغل إسماعيل بن عباد هذه الأحداث فقرر أن يحكم قبضته على إشبيلية، وأقام تحالفات سارعت في توحيد مدينته وبدأت تظهر عليها ملامح الاستقلالية.. ليتولى بعده الملك المعتضد الملقب بالملك السفاح أو الدموي نظراً لبطشه الذي يُلحقه بالصديق قبل العدو.. فقد كان ظالما همجياً فظاً وغداراً حتى مع أقرب اقربائه.. وكان خوفه على عرشه هو الذي دفعه لجعل إشبيلية هي الأقوى بين ملوك الطوائف خصوصا بعد تحذير منجميه المتكرر أن نهاية دولته وحكم سلالته ستكون على يد الأمازيغ بالمغرب.
بعد وفاة المعتضد، سيتولى المعتمد بن عباد الحكم في إشبيلية.. وهو الذي عرف عند البعض بالشجاعة أحيانا والجبن والغدر أحيانا أخرى ولكن كلهم أجمعوا أنه كان مدمن خمر.. يغوص في الملذات واللهو وكانت جل صفاته تدل أن دولته إلى زوال لامحالة.. وهكذا كان حال أغلب ملوك الطوائف فتزايد ضعفهم في مقابل توحُّد صفوف النصارى والقشتاليين وتقوية جبهتهم إلى أن استولوا على طليطلة.
سقوط طليطلة
أدى حدث سقوط طليطلة إلى اجتماع طارئ بين ملوك الطوائف.. ورغم اختلافهم وتنازعهم إلا أن قاسمهم المشترك كان خوفهم على مُلكهم.. فقد أجمعوا على الاحتماء بأمير المسلمين يوسف بن تاشفين بالمغرب.. ليدفعه واجبه اتجاه المسلمين للعبور إلى الأندلس مرتان متتابعتان تكللا بانتصارات متتابعة. ولكن عبوره للمرة الثالثة كانت بإجماع مسلمي المشرق والمغرب على أن سبب بلاء الأندلس هو ملوكها الفاسدين.. وكان على رأسهم الملك المعتمد بن عباد فقد كان تحالفه مع ألفونسو السادس سراً خيانة لم يتقبلها أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، فبدأ بإشبيلية فأسره بآغمات بمراكش وهي التي كانت تعتبر جنة فوق أرض المغرب.. ثم أسقط ملوك الطوائف ووحد بلاد الأندلس تحت لوائه المنصور.. ولا غالب إلاّ الله