تمغربيت:
لا يختلف اثنان على أن من فتح الأندلس هو القائد طارق بن زياد رفقة رجال المغرب الأشداء.. وأن للإمبراطورية الشريفة كل الفضل في بقاء الأندلس عصية على القشتاليين والمسيحيين.. ولولا السلاطين المغاربة لنجح القشتاليون في ابتلاع الأندلس قبل 1492 بقرون.. وكنا قد رأينا كيف استنجد ملوك غرناطة ببنو مرين على عهد أمير المسلمين يعقوب المنصور المريني.. وكيف قام بتجهيز نفسه والعبور للأندلس.
أخلاق بنو مرين..
اليوم سنتكلم عن أخلاق سلاطين بنو مرين.. وهي نفس أخلاق أسلافهم الموحدين والمرابطين، وهو مبدأ يؤمن به العلويين إلى يومنا هذا، ألا وهي سياسة اليد الممدودة.. والتي كان لها وجود طويل وعريق في تاريخ الإمبراطورية المغربية الشريفة وليست وليدة اليوم.
فقد كانت خيانات بنو الأحمر معلنة.. حينما كنا قد تكلمنا عن تلك المعاهدة المخزية مع فرناندو الثالث ملك قشتالة.. والتي وافق يموجبها على تسلمه بعض الحصون التابعة له، ويدفع له جزية سنوية، وأصبح تابعا للعرش القشتالي يحارب معه وقتما احتاجه ملك قشتالة ولو ضد المسلمين.
هذا المعطى جعل أهل غرناطة يضيقون ذرعاً بما فعله بنو نصر.. وتقطعت لحمة غرناطة وعم الشغب وبدأت الثورات تتصاعد.
بنو مرين.. مصدر رعب القشتاليين
كان ملوك قشتالة يراقبون الوضع في غرناطة.. خصوصاً بعد علمهم بسخط سلطان المغرب على أفعال بنو الأحمر.. وبأنه قرر على عدم الرجوع إليها مجددا.. فعزم الملك القشتالي على النزول وشن حروب على غرناطة واقتلاعها من أحضان بنو الأحمر.
هنا، فقط، علم مللك غرناطة أنه تمت خيانته من طرف القشتاليين فلا وعود مع العدو.. فأسرع محاولا إصلاح الوضع، واللجوء لأسد سلاطين بنو مرين وأمير المسلمين يعقوب المنصور المريني.. فقابل خياناته المتكررة بأخلاق وشيم الملوك فقبل الصفح والدفاع من جديد عن الأندلس شرف المغرب والمسلمين.
سيعبر أمير المسلمين بنفسه نحو الأندلس.. وسيخوض معركة الدينونية الطاحنة، التي كتبت حروفها من ذهب وأرجعت هيبة اسم المغرب.. وحافظت على الأندلس من السقوط. وهنا نعلم ونستيقِن أنه كلما خفت قبضة المغرب عن الاندلس إلا وكان السقوط وشيكا والانهيار قريبا.. ولذلك كان أمير المسلمين يتدخل لإنقاذ الأندلس وإجراء تعديلات على إمرائها ثم العودة إلى دار الملك ومقر الحكم في فاس أو مراكش.