تمغربيت:
العملات الرقمية
نظمت بالرباط أمس الإثنين 19 يونيو 2023، مائدة مستديرة حول العملات الرقمية للأبناك المركزية.. تحت شعار “دور القطاع العمومي في النقد وسداد المدفوعات – رؤية جديدة”، مع صندوق النقد الدولي.
افتتاح المائدة المستديرة شهد مشاركة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا. وهو اجتماع رفيع المستوى يندرج في إطار الأنشطة المبرمجة في أفق انعقاد الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.. التي ستحتضنها مدينة مراكش هذه السنة، في الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر المقبل.
مائدة مستديرة حول العملات الرقمية للبنك المركزي.. لماذا؟
تسعى أغلب البنوك المركزية في العالم إلى إصدار العملات الرقمية أو استحداثها.. والعملة الرقمية هي نسخة رقمية من النقود تصدرها البنوك المركزية وتنظم العمل بها. وقد تصبح عملة البنك المركزي الرقمية (مستقبلا) شكلا رقميا من النقود لذلك البنك.. حيث يختلف عن الاحتياطات وأرصدة التسوية التي تحتفظ بها البنوك التجارية لدى البنوك المركزية.
وتشكل هذه العملة التزاما على البنوك المركزية، مقوما بوحدة حساب موجودة بالفعل، وتعمل وسيطا ومخزنا للقيمة. ويعتقد، حسب مجلة التمويل والتنمية، الصادرة عن صندوق النقد الدولي، أن تلك العملات، التي لا تعد أصولا مشفرة، تتيح درجات أعلى من الأمان، فهي غير متقلبة، مقارنة بالأصول المشفرة.
هذا وقد تعرف العالم على أول عملة رقمية قبل ثلاثين عاما، عندما أطلقت فلندا بطاقة “Avant” الذكية.. قبل أن تعمد إلى إلغائها في مطلع الألفية الثانية.
المبررات
ويجد الانشغال بالعملات الرقمية وإصدارها من قبل البنوك المركزية مبرره في الرغبة في دعم الشمول المالي.. كما أن ذلك يجعل أنظمة الدفع أكثر صلابة ويدعم المنافسة.
ويتصور المدافعون عن تلك العملات أن تحسن فرص الحصول على القروض وترفع كفاءة المدفوعات وتخفض تكاليف المعاملات.. زيادة على تعزيز الشفافية في تدفقات الأموال وخفض عمليات استبدال العملة.
المخاطر
وينطوي إصدار البنوك المركزية للعملات النقدية على مخاطر.. مرتبطة بإمكانية سحب المستخدمين قدرا مفرطا من الأموال من البنوك دفعة واحدة لشراء عملات البنك المركزي، الشيء الذي ينذر بأزمة.
ويتوجب على البنوك المركزية، كذلك، تقييم مدى استعداداتها للتعاطي مع المخاطر المرتبطة بالهجمات الإلكترونية.. وضمان خصوصية البيانات والنزاهة المالية.
تحديات إنشاء هذه العملات الرقمية تختلف من بلد لآخر
من جانبه، أشار عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إلى أنه رغم التقدم المحرز مازالت الأسئلة الأساسية بخصوص مساهمة العملات الرقمية وتأثيرها على المهام الأساسية للبنوك المركزية موضوع نقاش عالمي.
وذكر والي البنك المركزي أن “دوافع وتحديات إنشاء هذه العملات الرقمية تختلف من بلد لآخر، لاسيما بين الاقتصاديات المتقدمة من ناحية والاقتصاديات الناشئة والنامية من جهة أخرى”.
وأكد على أنه، رغم التقدم الحاصل، فإن قضايا أساسية حول مساهمة وتأثيرات العملات على البنوك المركزية مازالت مطروحة.. مشيرا إلى أن الدوافع والتحديات تختلف من بلد إلى آخر، خاصة بين البلدان المتقدمة والبلدان الصاعدة والسائرة في طريق النمو.
واعتبر الجواهري أنه ما دامت المشكلة عالمية، فإن بداية الحل يجب أن تكون عالمية، عبر وضع قواعد للتقنين، مشيرا إلى أن البعد التكنولوجي لن يكون الأكثر صعوبة، مشددا على أن المشكل يطرح على المستوى السياسي.
واعتبر أن مسألة عملات رقمية للبنوك المركزية تقتضي العمل على ثلاث مستويات، وطنية وجهوية ودولية، داعيا صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك تسويات الاستثمارات إلى العمل من أجل تنسيق التعاون الدولي.
وأكد الجواهري على أن التعاون يمكن أن يفضي إلى نتائج، ضاربا مثلا بمقاربة المغرب، الذي يستفيد، في سياق التفكير في العملة الرقمية، من دعم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، كما يوجد المغرب ضمن لجان بنك تسويات الاستثمارات حول الابتكار.
ماذا عن الجالية المغربية في هذا كله؟
وضرب، على هذا المستوى، مثلا بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي والصعوبات التي يطرحها بالنسبة لتحويلات مغاربة العالم، متسائلا حول إمكانية تحقيق قفزة نوعية على مستوى العملات الرقمية في ظل هكذا صعوبات. كما استحضر والي بنك المغرب في هذا الصدد علاقات المغرب وأوروبا من خلال التضييق على تحويلات الجالية، وإعادة النظر في النشاط البنكي المغربي في أوروبا، وتساءل في هذا الصدد: “في ظل هذه الصعوبات كيف يمكن المرور سريعاً إلى المحطة التي يمكن أن نقول فيها إننا وجدنا حلولاً جيدة من الناحية الرقمية لتحقيق التقدم المطلوب في هذا الموضوع؟”.
وأضاف أنه، رغم الجهود التي يبذلها النظام البنكي بالمغرب، فإن نسبة الاستبناك لا تتعدى 51 في المائة، مشيرا إلي أن استراتيجية الشمول المالي أبانت أن الذين يعتبرون أقل استفادة من الخدمات البنكية هم الشباب والنساء والمقاولات الصغيرة جدا، مذكرا كذلك بمغاربة العالم، الذين مثلوا، في العام الماضي، على مستوى التحولات، 8 في المائة من الناتج الداخلي الخام.